لماذا لا نملك الكثير من المال...؟

 كثيراً ما نتساءل أو نُسأل السؤال التالي: أين وكيف يتم طباعة العملة ومن هم المسؤولون عن ذلك؟

ولماذا لا تطبع بلادنا الكثير من الأموال ونصبح دولة ثرية وتُحل بذلك كل مشاكل الفقر في الدولة!


العديد من الناس يظن بأن الزيادة في انتاج النقود تسد الثغرات وتلغي الديون المتراكمة وأن كثرة طباعة الأموال تعدم حاجتنا للغير!

لكن هذه الفكرة خاطئة تماماً وأحببت في مقالي هذا ذكر المعلومات اللازمة لتوضيح هذا الأمر.

الجميع يعلم بأن النقود هي وسيلة التداول بين المواطنون أو بين الدول بين بعضها. وتم اختيار النقود كوسيلة بديلة عن الذهب والفضة كما كان قديماً,

والأمر الذي يحدد الحصة المسموح بطباعتها لكل دولة هو مقدار ما تملكه هذه الدولة من احتياطي ذهب, فضة, بترول, نفط, وعملة صعبة, أو غير ذلك من الثروات عالية القيمة.

ولا يكون هناك أي قيمة للأموال المطبوعة في حال قيام الدولة بطباعة أموال تفوق ما تملكه من الاحتياطي.

وننتقل الآن للإجابة عن: أين يتم طباعة النقد؟

 

يستخدم عادةً لطباعة النقود أماكن سريّة للغاية، وهي المطابع الحكوميّة التابعة للدول كمطبعة المَصرف المركزيّ، أو جهة صكّ وإصدار النقود العامّة الخاصة بكل دولة، وتقوم الجهات المسؤولة عن النّقود بتحديد سعر صرفها بعد طباعتها مُباشرةً عن طريق مقارنتها بما تساويه لقيمة ثابتة كالمعادن الثّمينة مثل الذّهب، أو العملات الأجنبيّة الصّعبة كالدولار، اليورو، اليَن، بعد ذلك يتم إصدار النقود للتداول من خلال المصارف التجارية، حتى تصل إلى كافة الناس وتصبح قيد التداول في النشاطات التجارية المختلفة.

إنّ معظم الدول الغنية وذات الاقتصاد القوي  كأمريكا والصين تقوم بطباعة أموالها ضمن دولتها, لكن الحال يختلف في الدول الفقيرة حيث أن الدول الفقيرة تستعين بدول أخرى لتقوم بطباعة عملتها بسبب التكاليف الباهظة لماكينات طباعة العملة ذات الجودة العالية ولتجنب طباعة العملة داخلها باستخدام إمكانيات محدودة، لأنّ ذلك يزيد من احتمالية  تزوير العملة  مسبباً بذلك خسائر عظيمة للبلد. كما أن الورق المستخدم في طباعة النقود مختلف, فبعضها يصنع من القطن وبعضها من البوليمر وأحياناً قد تحتوي على النوعين معاً. و تستطيع كل دولة  تحديد شروطها  الخاصّة  بها في العملة التي تُطبع لها،مثل  استخدام مواد معدنية أو مغناطيسية في نسيج الورق لتساعد في التحقق منها أو كإستخدام أنواع معيّنة من الحبر الذي يعطي ألواناً مميّزة عند تسليط نوع معين من الضوء عليها أو قد يعطي انعكاس لأشكال مختلفةً على الورق بحسب زاوية الرؤية (مثلا تعريض ورقة النقد للشمس لرؤية الرسم(النقش) الذي يؤكد رسمية العملة), ويتم نقل النقود بطريقة غاية في السرية من اماكن طباعتها للدول العملاء ولا يمكن التصريح عنها نظراً لخطورة انكشاف الأمر وآثاره المعروفة.


ماذا يحصل في حال قامت الدولة بضخ المزيد من الأموال في السوق؟

 
عندما تكون ميزانية الدولة بحالة عجز, أي عندما تكون مصاريفها أكثر من إيراداتها فإنها لو قامت بطباعة أموال للتخلص من العجز ستقع مشكلة أكبر من العجز
,حيث ان ما سيحدث هو التضخم الجامح وهذا ناجم عن ارتفاع عرض النقود,  أي زيادة الكمية المتاحة منها. بالتالي يصبح في يد الناس المزيد من الأموال كورق لكن بنفس القيمة السابقة. عندها يطلب البائعون المزيد من النقود لقاء تقديم نفس المنتج وبنفس القيمة السابقة للمنتج قبل حدوث التضخم (غلاء بأسعار المنتجات والخدمات, حيث تصبح الزيادة في كمية النقود تعني الزيادة الوهمية لقيمة للنقد).


إذن الآن عرفنا أن نملك الكثير من المال لا يعني أبداً أننا أغنياء, وليس للمال معنى طالما أنه بلا قيمة فعلية!
ولو فرضنا جدلاً أن المصرف المركزي لكل بلد قام بضخ الكثير من الأموال في السوق محاولاً تلافي مشكلة العجز الاقتصادي فإن هذا ليس إلا زيادة للطين بلة كما يقول المثل حيث اننا سننتقل من مشكلة العجز إلى مشكلة أخطر وهي التضخم الجامح, الأمر الذي سيؤدي لانهيار اقتصاد البلد ويحتاج الكثير من السنوات حتى يتم التخلص منه, ومن المهم معرفة أنه لا يحق لأيّ جهة كانت (مؤسسة او شركة) طبع عملة خاصة بها وهذا حتماً غير مسموح به لأن البنك المركزي لكل دولة هو صاحب الحق الوحيد بطلب طباعة العملة ومن الشروط ان يكون مسجلاً في البنك الدولي حتى يكون طلبه مشروعاً.




كتابة وإعداد: رهام علي.




عداد الزوار / 8603007 /