التعليم العالي نحو مقاربة موضوعية للواقع والمستقبل.. جلسة حوارية في جامعة دمشق

عقدت جامعة دمشق اليوم جلسة حوارية بعنوان "التعليم العالي نحو مقاربة موضوعية للواقع والمستقبل: جامعة دمشق إنموذجاً، بهدف مناقشة واقع التعليم العالي والتحديات التي تواجهه والآليات المقترحة لتطويره وذلك في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات.

 

وأكد وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور بسام إبراهيم على أهمية الورشات التي تنظمها الوزارة في الجامعات بمواضيع مختلفة بهدف توصيف واقع التعليم العالي والصعوبات والتحديات التي تواجهه، كما تقدم تحليلاً للواقع التعليمي من كافة جوانبه سواء من مقومات العملية التعليمية بدءاً من القبول الجامعي إلى وسائل التعليم التقانية وواقع المخابر والتجهيزات والبناء، والأهم واقع الكوادر التدريسية والتعليمية والمخبرية التي تقوم عليها العملية التعليمية، إضافة للتطرق إلى تحليل واقع البحث العلمي والتعليم التقاني ودوره في خدمة المجتمع.

 

 ولفت إلى أن ورشة اليوم تأتي لسماع آراء ومقترحات من أعضاء الهيئة التدريسية والفنية والإدارية وطلاب الدراسات العليا والمرحلة الجامعية الأولى حول تطوير واقع التعليم في الجامعات، مع تسليط الضوء على واقع الدعم الذي تقدمه الدولة لقطاع التعليم العالي، مشيراً إلى أن النفقات في الموازنة العامة للدولة أصبحت أكبر من الإيرادات بكثير لأسباب متعددة، الأمر الذي يتطلب التفكير في سياسة التعليم العالي من وجهة نظر جديدة، وكيف يمكن تأمين موارد ذاتية تدعم الجامعات من خلال التشاركية مع القطاع الخاص والاستثمار لبعض المنشآت، إضافة للتفكير بالبحث العلمي التنموي المأجور الذي يخدم قطاعات ووزارات الدولة العامة والخاصة.

 

 ولفت أ.د إبراهيم إلى أن الورشة تناولت أيضاً نوعية وجودة الخريج الجامعي، مشيداُ بخريجي الجامعات السورية الذين أثبتوا جدارة وكفاءة بمختلف القطاعات، والكثير منهم نال جوائز متميزة بعدة مجالات رغم الظروف الصعبة، موضحاً ان مقترحات الورشة ستكون منهجية عمل بالنسبة للوزارة وسيتم تطبيقها ضمن منظومة وسياسة التعليم العالي في سورية.

 

وأوضحت رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية الدكتورة دارين سليمان بأن هذه الورشة أتت بعد مجموعة من الورشات تتعلق بالاستيعاب الجامعي أقامها الاتحاد الوطني لطلبة سورية إلى جانب ورشات أخرى أشرفت عليها وزارة التعليم العالي والجامعات السورية، بغية الوقوف على واقع التعليم الذي أصبح غير مرضي على المستوى الحكومي ومستوى طلاب الجامعة، والسبب في ذلك البقاء بسياسات لم تعد مفيدة في ظل التحدي المالي والتحدي بما يتعلق بالموارد البشرية والمناهج الدراسية وجودة مخرجات التعليم العالي، والسؤال الأهم كيف نقيم مخرجات التعليم العالي في سورية؟ وكيف يمكن توفير فرص عمل للخريج.

 

وأضافت د. سليمان: "أمام هذه التحديات أصبحنا جميعاً ملزمين سواء على مستوى الاتحاد الوطني لطلبة سورية أو قطاع التعليم العالي بكل مكوناته، بمواجهة حقيقة أنه لا يمكن الاستمرار بنفس الأدوات والآليات التي نعمل عليها منذ سنوات"، مؤكدة أن الاتحاد  الوطني مع مسألة دعم قطاع التعليم العالي للطلاب وخاصة في ظل الظروف الراهنة، ولكن الآليات المرتبطة بسياسات سابقة في مسألة الدعم لا يمكن الاستمرار بها، الأمر الذي يتطلب إيجاد آليات جديدة تفيد مسألة الدعم وتحقق الهدف منه، وأهمها مسألة العدالة الاجتماعية والمساواة بين الطلاب، وكيفية الاستثمار لدعم موارد الجامعات بما ينعكس على واقع التعليم العالي في سورية.

 

وقدم رئيس جامعة دمشق الأستاذ الدكتور محمد أسامة الجبّان خلال الجلسة عرضاً تضمن تحليلاً لواقع التعليم العالي في سورية والفرص والتحديات التي تواجهه والتطلعات المستقبلية.

 

وتحدث أ.د. الجبّان خلال العرض عن تأثير الأزمة على التعليم العالي وما ألحقته من أضرار على البنية التحتية للجامعات وانعكاساتها السلبية على السلامة العامة والنقص في التمويل وهجرة الكفاءات وكذلك توقف التعاون الدولي مع الجامعات السورية، لافتاً الى أن التحديات على مستوى الكفاءة الداخلية تتمثل في جودة العملية التعليمية وتطوير المناهج ومواكبة التطورات العالمية، وضعف عائد الاستثمار في التعليم العالي، في حين تتجلى التحديات على مستوى الكفاءة الخارجية بمواءمة المخرجات التعليمية مع سوق العمل العالمي واستقطاب الكفاءات الخارجية، واعتماد عالمي للبرامج التعليمية.

 

وفي تحليله للواقع الراهن عرض رئيس الجامعة احصائيات حول نسبة الانفاق على التعليم العالي من الناتج المحلي الاجمالي، والتغيرات التي طرأت على موازنة جامعة دمشق من عام 2009 الى 2024 مشيراً إلى انخفاض حصة الطالب من الموازنة في الجامعة كما استعرض نماذج لحصة الطالب في بعض الدول وتطور التركيب التعليمي لقوة العمل في سورية.

 

 واستعرض أ.د الجبّان تأثير الحرب على مؤشرات قطاع التعليم في سورية حيث تراجع معدل الالتحاق بالتعليم الجامعي 5% كما تراجع عدد أعضاء الهيئة التعليمية 12% مشيراً إلى أن هجرة الكفاءات والعقول كان لها تأثير سلبي على الجامعة ومن أسبابها عدم قدرة سوق العمل على استيعاب الخريجين في بعض الاختصاصات، وتدني الأجور والتعويضات والعوامل الاجتماعية والحوافز المشجعة و توزع الخريجين على المناطق، وبين أن عدد الشهادات العلمية السورية التي تم قبول تعديلها في الخارج  بلغت 35850 شهادة في حين بلغ عدد الكفاءات الأكاديمية والبحثية المهاجرة 3180 كفاءة علمية.

 

وأكد رئيس الجامعة بأن الفرص لتطوير واقع التعليم العالي تأتي من خلال تكامل أدوار كل من المجتمع المحلي والدولي والطلاب والأكاديميين، حيث يتمحور الدور المجتمعي بتقديم الدعم المالي لإعادة بناء البنية التحتية التعليمية وتوفير الموارد الضرورية وكذلك الدعم التقني من أجل تطوير مناهج التعليم لتوفير التكنولوجيا والموارد اللازمة والتبادل الطلابي والأكاديمي مع الجامعات وتوفير فرص التدريب والتعليم المستمر.

 

  وأما دور الأكاديميين فيتمثل بإجراء الأبحاث لفهم تحديات التعليم العالي وتقديم الحلول، والمساهمة في وضع السياسات التعليمية وتطوير البرامج التعليمية لتحسين جودة التعليم العالي، وتوجيه الطلاب نحو مسارات تعليمية مهنية، في حين يتجلى دور الطلاب بالمشاركة الفعالة في العملية التعليمية وقضايا التعليم وتبادل الآراء والأفكار، وتقديم المقترحات حول تحسين الوضع التعليمي والمشاركة في المبادرات الاجتماعية والثقافية التي تثري تجربة الطلاب.

 

وشدد رئيس الجامعة على أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لتحقيق أهداف التعليم العالي، وتقديم الدعم المالي والموارد اللازمة لتطويره وتحسينه، وتوفير فرص التعليم والتدريب للطلاب والمعلمين والباحثين لتعزيز مهاراتهم وقدراتهم. وأشار خلال العرض إلى أهم استراتيجيات التحول والتطوير ومنها التكيّف مع التحول الرقمي، واعتماد البرامج التعليمية عالمياً، والتحول إلى اللامركزية في الإدارة التعليمية.

كما استعرض رئيس الجامعة أهم التطلعات المستقبلية في تطوير واقع التعليم العالي، من خلال تعديل سياسة القبول الجامعي والمواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، والتنسيق مع القطاعات الاقتصادية للوقوف على الاحتياجات التعليمية في رسم المناهج وكذلك التأكيد على العلاقة بين احتياجات سوق العمل والمخرجات التعليمية، وتمويل التعليم العالي وربط التمويل بالمؤشرات التعليمية لكل جامعة وتطوير التعليم التقاني في الجامعات.

 

وتحدث أ.د. الجبّان عن الخطط المستقبلية التي تسعى جامعة دمشق لتحقيقها في المرحلة القادمة ومنها تحديد مواصفات الخريج السوري وتحديد الأولويات في هذه المرحلة، وتطوير العملية التعليمية والمناهج ودمج التكنولوجيا وتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك تطوير البنية التحتية التعليمية وجذب الاستثمارات للجامعة للحصول على موارد ذاتية تعود بالفائدة على البنية التحتية لكلياتها ومخابرها.

 

 وأوضح أ.د. الجبان بأن الجامعة تبذل جهوداً من أجل الحصول على الاعتماد العالمي لافتاً الى أن كلية الطب البشري حصلت على الاعتمادية خلال العام الماضي وهي خطوة هامة للحصول عليها في باقي الكليات. كما أشار إلى انجازات الجامعة على صعيد تطوير المناهج ودمج التكنولوجيا حيث أحدث مركز أبحاث العلاجات الحيوية ومركز طب الأسنان الرقمي ومركز تطوير التعليم الطبي الرقمي.

 وختم رئيس الجامعة حديثه بالقول: أنه رغم التحديات التي تواجه التعليم العالي في سورية فإن تفاني الكوادر الإدارية والطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية والمجتمع المدني والمحلي سيساهم في تذليل المشاكل وبأن الكفاءات الأكاديمية من خريجي الجامعات السورية والطلاب سيكون الأساس في عملية إعادة الإعمار وبأن طلاب الدراسات العليا هم رافعة البحث العلمي في الجامعة.

وتضمنت مداخلات الحضور خلال الجلسة التي أدارها الأستاذ الدكتور وائل معلا جملة من المقترحات حول تطوير واقع التعليم العالي في سورية وأهم الآليات والبدائل التي يجب العمل على ايجادها بما يتعلق بسياسة القبول الجامعي ومجانية التعليم العالي ودعم الجامعات لمواجهة التحديات التي تواجهها.

 كما استعرض الدكتور جمعة حجازي عميد المعهد العالي للدراسات السكانية نتائج الاستبيان الذي أجرته جامعة دمشق حول تطوير قطاع التعليم العالي في سورية الموجه لأعضاء الهيئة التدريسية والفنية وطلاب الدراسات العليا والمرحلة الجامعية الأولى والمهتمين بقطاع التعليم العالي واستخدام نتائجه لأغراض البحث العلمي والتطوير المؤسسي في الجامعة.

حضر الجلسة الحوارية ممثلون عن الاتحاد الوطني لطلبة سورية وعدد من رؤساء الجامعات الخاصة ونواب رئيس الجامعة ورئيس الهيئة العليا للبحث العلمي وعمداء الكليات ونوابهم، ورؤساء الأقسام وعدد من الأساتذة وطلاب الدراسات العليا في الجامعة والمهتمين بقطاع التعليم العالي.

 

 

 



عداد الزوار / 789932149 /