الفساد الاداري ـ دراسة ـ كتاب جديد للدكتور نجم الأحمد صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ..

صدر مؤخرا كتاب جديد تحت عنوان "الفساد الاداري ـ دراسة " لمؤلفه الدكتور  نجم الأحمد أستاذ القانون العام  في كلية الحقوق بجامعة دمشق   صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب.
يتناول الكتاب بالبحث والدراسة  ظاهرة الفساد الاداري التي وصفها المؤلف في كتابه  بأنها من الموضوعات الراهنة على الساحتين الدولية والوطنية وبأنها من أكثر الظواهر الانسانية خطورة على المجتمعات في ظل تنامي الدور السلبي الذي يؤديه الفساد الاداري في الأداء الاقتصادي وتراجع معدلاته، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي بحسب ما ذكره  المؤلف في كتابه.   
ويشير المؤلف في مقدمة كتابه إلى أن الفساد  كان سمة بشرية  نشأ مع وجود الانسان على سطح الارض  وكان ظاهرة ملازمة للحضارة البشرية  حيث عرفته معظم المجتمعات الانسانية قديما وحديثا وقام بتشخيصه الفلاسفة والحكماء في هذه الحضارات. وكان للديانات مواقف منه
وتهدف هذه الدراسة بحسب ما ذكره المؤلف في مقدمة كتابه الى التنقيب والبحث عن الآليات الناجعة التي تسهم في مكافحة الفساد الإداري وتقديم الحلول في هذا السياق مشيرا الى أن هذه الدراسة تضيء على ظاهرة الفساد الاداري في إطارها النظري والعملي وتحديد أسبابها وآثارها وآليات مكافحتها.
أما عن المنهج العلمي المتبع في إعداد الدراسة فقد اتبع المؤلف المنهج الوصفي التحليلي من أجل تحديد ماهية الفساد الاداري وصوره ونماذجه، وآثاره، وآليات مكافحته ووسائلها  وتعرض الى التجارب الاجنبية والعربية، بشأن آليات المكافحة المتبعة بهذه الخصوص. كما تحدث عن واقع الفساد في الادارة السورية ودور الرقابة الادارية  وقدم رؤيته حول آليات المكافحة والجهود المبذولة من قبل الدولة السورية بهذا الخصوص.
وللإحاطة بموضوع الفساد الاداري من جوانبه المختلفة عمد المؤلف لتقسيم الدراسة الى أربعة فصول، تناول الفصل الاول ماهية الفساد الاداري من خلال مبحثين الاول تناول الفساد الاداري من منظور إسلامي  ومفهومه في الاصطلاح الشرعي وحكمه في القرآن الكريم  والسنة النبوية  مع ذكر أهم أدوات الفساد وموقف الاسلام منها ، والفساد الاداري وفقا للخبرة التاريخية الاسلامية بالاستناد الى المدونات الفقهية ، بالإضافة الى أجهزة الرقابة التي كانت موجودة في الاسلام وأنواع القضاء التي كانت قائمة في الدولة الاسلامية.
أما المبحث الثاني من  فقد تضمن تعريف الفساد الاداري وخصائصه وهنا يوضح المؤلف بأنه لا يوجد تعريف متفق عليه للفساد الاداري اذ يختلف تعريفه حسب زمان استخدامه ومكانه ووفقا للتوجهات الفكرية لمعرّفيه ومنه التعريف اللغوي والقانوني والاقتصادي والاخلاقي والاجتماعي  والتعريف الشامل. كما حدد المؤلف أهم  خصائص الفساد الاداري ومنها اسرية وتعدد الاطراف وسرعة الانتشار  والتخلف الاداري.
وفي الفصل الثاني من الدراسة تطرق المؤلف الى أسباب الفساد الاداري ومظاهره وأنواعه ونماذجه مبينا بأن أسباب الفساد الاداري في دول العالم  تعود  إلى الأسباب السياسية والتي تتمثل في ضعف المؤسسات وعدم اهتمام القيادة السياسية بمكافحة الفساد ودور جماعات الضغط والاحزاب السياسية  وغياب مبدأ فصل السلطات  والاستبداد  وهناك الاسباب القانونية والادارية  التي اعتبرها المؤلف بأنها تسهم الى حد كبير في انتشار حالات الفساد الاداري وخاصة في حال عدم اتسام المنظمات القانونية والادارية بالنزاهة ، وعدم الاستقلالية .
 كما استعرض المؤلف أثر المتغيرات والاسباب الاقتصادية ودورها الكبير  في  انتشار الفساد الاداري وحدد الاسباب الاقتصادية  في انتشار الفساد الاداري من خلال الازمات والنكبات الاجتماعية، انخفاض مستوى الرواتب والاجور للعاملين في القطاع الحكومي  والتفاوت الاقتصادي ـ الاجتماعي  ،والسيطرة التامة للدولة على المؤسسات المالية والاقتصادية، عدم وجود ضوابط لأسعار السلع والخدمات  وانعدام المنافسة في السوق أو ضعفها وبعض العوامل الاخرى ..
  وأشار المؤلف في كتابه الى أهم المكونات الاجتماعية في انتشار ظاهرة الفساد الاداري ومنها أثر البيئة الاجتماعية ومداخل الاسباب الثقافية  حيث تلعب المداخل الاجتماعية والتركيبية الذهنية ،والترسبات الثقافية للمواطنين دورا محوريا في انتشار الفساد الإداري..
وذكر المؤلف بأن الاسباب الاجتماعية للفساد الاداري تتجلى بمجموعة من العوامل  منها انتشار الجهل، وارتفاع معدلات الأمية  والتبدل الاجتماعي السريع وتراجع دور الاعلام وغلبة العلاقات الشخصية على العلاقات الرسمية في مجال الإدارة  ضعف الولاء الوظيفي الوطني والمجتمعي والوازع الديني وسيادة القيم الاستهلاكية والتأثر بالتقنية الحديثة وإساءة استخدامها في تحقيق مكاسب خاصة مخالفة للقانون.   
كما بين المؤلف في كتابه بأن الاسباب الشخصية والمؤسساتية لها دورا في انتشار الفساد الاداري وهناك الاسباب المركّبة والتي تظهر كنتيجة لتفاعل مع جميع الاسباب السابقة..   
 وفي مبحث مظاهر الفساد الاداري استعرض المؤلف عدد من المظاهر ، التي يترتب عليها آثار بالغة الخطورة من النواحي السياسية والاقتصادية والاخلاقية.. كما تطرق الى أنواع الفساد الاداري  وقسمها الى الفساد العرضي  والفساد المنظم وقدم شرحا مفصلا عن نماذج الفساد الاداري منها ما يعتمد على نوع السلطة ومنها ما يعتمد على المجال الذي تتم فيه ممارسة الفساد كما يقسم الفساد وفقا للقطاعات الأكثر فسادا وغيرها من هذه التصنيفات الاخرى ..  
  أما الفصل الثالث من الكتاب فقد خصصه المؤلف لآثار الفساد الاداري وتحدث في المبحث الاول عن الآراء التي ترى جوانب ايجابية في الفساد الاداري بهذا الخصوص يبين المؤلف بأن نتائج الفساد غالبا ما تكون نتائجها خطيرة على المجتمعات خلافا لما يدعيه البعض ممن يحاولون إيجاد مسوغات للممارسات الفاسدة . أما في المبحث الثاني من الفصل فقد تحدث المؤلف  بالتفصيل عن الاثار السلبية للفساد الاداري والتي لا تقتصر على الجانب الاداري وإنما تشمل الجوانب الاخلاقية والاجتماعية والصحية والسياسية والادارية والقانونية والامنية..
وأما الفصل الرابع فقد أفرده المؤلف للفساد  الاداري ووسائل مكافحته وشرح في ستة مباحث الوسائل اللازمة لمكافحته وقسمها الى  الرقابة الادارية، والمعالجة في إطار القانون العام، ودور المجتمع المدني ووسائل الاعلام، ودور المعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية والمحلية، وجهود الدول في مكافحة الفساد الاداري.
 في حين خصص المؤلف القسم السادس  لواقع الفساد الاداري في سورية وتحدث فيه باستضافة حيث رأى أن من أهم مظاهر الفساد الاداري في سورية هي الرشوة والاختلاس والتسيب الاداري والتحيز والمحاباة والبيروقراطية واساءة  النفوذ واستغلال المنصب.
 كما استعرض المؤلف في هذا القسم  أهم أجهزة الرقابة الادارية في سورية المناط بها مكافحة الفساد ومعالجته وأشار المؤلف بهذا الخصوص الى أنه بالرغم من تعدد أجهزة الرقابة الادارية في سورية إلا أن انتشار الفساد في القطاع العام يبين بوضوح ضعف الأنظمة الرقابية وعدم فاعليتها أو أنها لا تؤدي عملها كما يجب. وإن من أهم الاسباب التي تجعل الاجهزة الرقابية قاصرة عن تأذية الدور المأمول منها سعيها الى كشف الأخطاء  فحسب من دون الوقوف على اسبابها  ومحاولة وضع حلول علاجية لها.
  وبين المؤلف بأن من أهم أسباب انتشار ظاهرة الفساد إسناد ممارسة الرقابة الادارية الى أشخاص غير مؤهلين، أو لا يؤدون عملهم في حياد وموضوعية بحيث تبدو أجهزة الرقابة الادارية غير محصنة من الفساد. وما يجعل الرقابة غير فعالة أيضا توجهها نحو فئة محدودة من الموظفين الذين هم في واقع الحال ضحايا الفساد من موظفين صغار ليسوا هم المحركين الأساسيين له.
 وأشار المؤلف الى بعض الجهود المبذولة الرامية  لمكافحة الفساد في سورية ذكر المؤلف بعض القوانين ذات الصلة. وأشار الى بعض الخوات التنفيذية التي كتب للبعض النجاح فيما تعثر البعض مثل أتمتة العمل في دوائر الاحوال المدنية والبدء بتطبيق برنامج أتمتة العمل القضاء والاداري في وزارة العدل وأرشفة الوكالات العدلية واصدارها بطريقة الكترونية تحقق معايير عالية من الجودة والامان ومنع التزوير  ولكن للأسف فقد توقف مشروعا وزارة العدل.
 وقدم المؤلف رؤية في إطار المكافحة  واعتبر بأن تحقيق التنمية الشاملة يتطلب وجوب العمل للقضاء على مظاهر الفساد الإداري وذلك من خلال مجموعة من الاجراءات الوقائية واحداث هيئة وطنية لمكافحة الفساد الاداري كما ذكر بعض السياسات والاجراءات الاخرى التي تساهم في مكافحة الفساد الاداري ومنها  (الدعم السياسي ، احداث هيئة وطنية لمكافحة الفساد، تعزيز النزاهة ،إصدار قانون لمكافحة الفساد الاداري ،اصلاح الوظيفة العامة، الشفافية والمساءلة والمحاسبة ، تفعيل دور الرقابة الادارية ، تفعيل دور جهاز العدالة، دور القوى الاقتصادية والاجتماعية وقرارات الذمة المالية).



عداد الزوار / 871081311 /