كلية الشريعة دور اكاديمي ومعرفي ومجتمعي

 

كلية الشريعة بجامعة دمشق.. دور أكاديمي ومعرفي ومجتمعي
 تُعدُّ كلية الشريعة بجامعة دمشق من أوائل الكليات المحدثة في الجامعة ومنذ تأسيسها عام 1954 شهدت الكلية تطورات كبيرة من خلال زيادة في عدد أقسامها العلمية بعد أن كانت تقتصر سابقاً على تدريس الشريعة الإسلامية المقارنة بالقانون.
 
 
 
ويؤكد عميد كلية الشريعة الدكتور محمد حسان عوض بأن رسالة الكلية الأساسية تتجلى في إبراز صورة الإسلام كما أنزله الله تعالى، وبث الوعي الديني في المجتمع، والارتقاء به، وتسعى إلى إعداد نخبة متميزة من الباحثين والمختصين في مختلف ميادين العلوم الشرعية والأئمة والخطباء والمدرسين وتأهيلهم بمستوى عال من المعارف والمنهجية العلمية والمهارات في مجال اختصاصهم للتعليم والتربية ورفد المؤسسات التي تحتاج إلى متخصصين في العلوم الشرعية، من قضاء ومؤسسات اقتصادية وغيرها، وكذلك إبراز القيم التي نهضت بها الحضارة الإسلامية، وتعزيز روح الإخلاص في القول والعمل، وفق ما أفاد به الدكتور عوض.
 
 
 
ويضيف الدكتور عوض.. تهتم الكلية بشكل أساس بإعداد طالب وباحث بعيد عن الغلو والتطرف والتشدد والانعزالية والانطوائية، من خلال تكريس سياسة قبول الآخر والانفتاح عليه والحوار معه وتبني آراء الآخرين التي لا تعارض نهج الكلية واحترام الثوابت ومشاركة المجتمع والاندماج مع الواقع، وترسيخ انتماء الطالب لدينه ووطنه وأمته، والتمسك بتعاليم الإسلام ومقاصده، والحفاظ على القيم والأخلاق، علماً بأن كلية الشريعة عضو في كثير من اللجان الموجودة في الحكومة مثل الهيئة السورية لشؤون الأسرة وحقوق المرأة وكل الفعاليات الاجتماعية والبيئية التي على تماس مع المجتمع من خلال طلابها وأساتذتها.
 
 
 
 جانب معرفي وأخلاقي
 
تستمد كلية الشريعة أهميتها من خلال دورها المعرفي، ومساهمتها في النماء الاجتماعي، داخل حرم الجامعة من خلال المحاضرات الإثرائية واللقاءات الطلابية، كما تقوم بتدريس ونشر الوعي الديني الصحيح على أسس سليمة من خلال أقسامها وتخصصاتها الأكاديمية، وتضم الكلية حالياً عدد من الأقسام الاختصاصية (التفسير وعلوم القرآن، الحديث وعلومه، العقائد والأديان والفلسفة الإسلامية، أصول الفقه ومقاصد الشريعة، الفقه الإسلامي ومذاهبه وقسم الأحوال الشخصية والتشريعات المقارنة) ومجموع هذه الأقسام تشكل النواة الأساسية للدراسات العليا حيث تمنح الكلية درجتي الماجستير والدكتوراه.
 
 ويوضح الدكتور عوض بأن خريج الكلية حتى عام 1974 كان يحق له التقدم إلى مسابقة القضاء الشرعي وفي عام 1975 تم تعديل القانون وأصبح الالتحاق بالقضاء الشرعي يتطلب الحصول على إجازة في الحقوق، ومؤخراً تم افتتاح ماجستير التأهيل والتخصص في القضاء الشرعي المقارن لتوفير الموارد البشرية المختصة للقضاء الشرعي.
 
 وبيّن الدكتور عوض بأن كلية الشريعة كلية أكاديمية ومجتمعية لا يقتصر دورها على تدريس الأحكام الفقهية والعلوم الشرعية فقط، وإنما تهتم أيضاً بالجوانب الأخلاقية في المجتمع وتزكية الفرد، إضافة إلى إحياء الجانب الاقتصادي من خلال الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية وشركات التأمين.
 
 كما تولي الكلية أهمية للجانب التشريعي كالقضاء الشرعي المقارن والأحوال الشخصية، وأيضاً الجانب التجاري الذي يعتمد على التحكيم التجاري فيما بين الأفراد والشركات، وأيضاً الجانب المعرفي من خلال تحقيق المخطوطات القديمة وإخراجها إلى النور، وهناك نسبة من المخطوطات باتت رسائل ماجستير موجودة في جميع الأقسام، وبذلك تساهم كلية الشريعة برفد مكاتب تحقيق المخطوطات "دور النشر" بعدد كبير من المحققين من حملة شهادة الماجستير في هذا التخصص، وفق ما أفاد به عميد الكلية.
 
 
 
معايير مرجعية وأكاديمية
 
تتلخص المعايير المرجعية الأكاديمية الوطنية لقطاع علوم الشريعة بالمعرفة والفهم وتمكين الخريج من اكتساب المعارف، وأن يكون قادراً على معرفة وفهم أحكام تجويد القرآن الكريم وقواعد اللغة العربية وبلاغتها،و السيرة النبوية الشريفة، ونصوص علوم الشريعة الإسلامية من عقيدة وأخلاق وتصوف وتفسير وحديث وفقه وأصول فقه واقتصاد، ومقاصد الشريعة الإسلامية، وسائر العلوم الشرعية، وكذلك أقوال العلماء في مسائل علوم الشريعة الإسلامية ولا سيما القضايا المعاصرة، والمذاهب العقدية والفقهية والفكرية، وأساسيات العلوم المتصلة بالشريعة الإسلامية، كالمنطق، والقانون، والاقتصاد، والتربية، وغيرها.
 
 ولفت الدكتور عوض إلى أن الكلية حريصة على تعريف الطالب بمصادر علوم الشريعة الإسلامية وأعلامها، وتاريخ الإسلام وحاضره، والقيم الإسلامية التي أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية، وأصول كتابة البحث العلمي وتحقيق المخطوطات في علوم الشريعة الإسلامية.
 
 
 
مهارات متنوعة
 
تهتم كلية الشريعة بالمهارات الذهنية وتحرص على اكتساب الخريج المهارة في حفظ نصوص من القرآن الكريم والحديث النبوي، وتحليل النصوص الشرعية وإدراك معانيها، واستيعاب القضايا الفكرية التي يحتاجها الطالب للتعريف بالإسلام ورد الشبه عنه، وكذلك الربط بين علوم الشريعة الإسلامية ببعضها ببعض وبينها وبين ما يتعلق بها من علوم أخرى، وكذلك النقد الموضوعي للأفكار المتصلة بمجال التخصص، وتمييز الصحيح من الفاسد إضافة إلى الإبداع في مجال علوم الشريعة الإسلامية.
 
تولي الكلية المهارات المهنية والعملية للطالب أهمية كبيرة بما يتعلق بإتقان قراءة القرآن الكريم وتجويده بطريقة صحيحة، والتحدث باللغة العربية السليمة في مواقف الدعوة والتعليم وغيرها، والتعبير عن الأفكار عن طريق الإلقاء والخطابة والكتابة، وكذلك قراءة النصوص الشرعية والعربية قراءة واعية صحيحة، وفهمها بشكل دقيق، والتعامل مع المصادر والمراجع البحثية القديمة والحديثة، بالإضافة إلى كتابة البحوث والمقالات في علوم الشريعة الإسلامية بأسلوب لغوي سليم، وفقاً للمناهج العلمية الصحيحة، وتخريج الأحاديث النبوية والآثار، والحكم عليها وفق ما أفاد به الدكتور عوض.
 
 تحرص كلية الشريعة على تعزيز المهارات العامة القابلة للانتقال لدى الطالب بما يتعلق بالتواصل مع الآخرين كتابة وتحدثاً باللغة العربية الصحيحة، وبلغة أخرى غير العربية، ولا سيما في المفردات المتعلقة بالاختصاص وتحديد المشكلات، واتخاذ الموقف المناسب منها بناء على أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، وكذلك تعزيز فن الحوار والمناقشة مع الآخرين بموضوعية ووسطية واحترام، والقدرة على المشاركة في اللقاءات والندوات العلمية بما يحقق الدعوة إلى الإسلام.
 
كما تحرص الكلية على استخدام تقنية المعلومات والوسائل الحديثة في خدمة علوم الشريعة الإسلامية، والعمل الجماعي الإيجابي، والعمل ضمن الفريق المختص، أو متعدد الاختصاصات وإدارته وتحفيزه، والالتزام الشخصي، وتجسيد القدوة الحسنة للغير من خلال الالتزام بالأحكام الشرعية، وتمثيل القيم الإسلامية في السلوك والأخلاق وكذلك التعلم الذاتي والمستمر، وإدارة الوقت والعمل تحت الضغط بحسب الدكتور عوض.
 
 
 
خطة درسية جديدة
 
وبيّن الدكتور عوض أنه تم مراجعة الخطة الدراسية السابقة للكلية وإجراء تعديلات عليها عام 2022، وأدخلت التعديلات على معظم المقررات في جميع الاختصاصات مع الأخذ بالاعتبار مواكبة التطورات والمتغيرات في المجتمع والإحاطة بكل ما يغني الطالب بعد التخرج وتزويده بالأدوات للتمييز بين الفكر الصحيح والفكر السقيم وقدرته على التعامل مع الآخرين بالحكمة على مبدأ "بشروا ولا تنفروا".
 
كما تسعى الكلية بشكل مستمر لتطوير وسائل البحث ومناهجه، وأصول التدريس وأساليبه في مجال العلوم الإسلامية، والعناية بالمصادر والمراجع والمخطوطات الإسلامية دراسة وتحقيقاً ونشراً، وكذلك المشاركة في إجراء البحوث العلمية والدراسات المختلفة التي تؤدي إلى إيجاد الحلول لمختلف القضايا التي تواجه المجتمع، وتحقيق التكامل بين العلوم الشرعية والتخصصات الأخرى، والإسهام في التنمية الشاملة.
 
 
 
تعاون وثيق
 
وأشار الدكتور عوض إلى دور وزارة الأوقاف التي تولي خريجي كلية الشريعة أهمية كبيرة وأتاحت لهم في هذا الإطار الالتحاق بدورة تدريبية مدتها عشرة أيام تقريباً في مركز الشام الدولي التابع للوزارة عبر أربعين محاضرة لعلماء ومختصين مرموقين بغية توسيع المعرفة للخريجين والارتقاء بالمستوى الفكري لديهم عن طريق تثبيت الحق وتصحيح الأفكار وتعزيز التواصل مع الآخرين وإثراء مجالات شتى في الشعر والخطابة والإمامة وقراءة القرآن وحفظه.
 
ويضيف عميد الكلية.. من خلال التعاون العلمي مع مركز الشام الدولي أجريت ثلاث دورات وفق نهج سديد، كما تهتم وزارة الأوقاف وترعى الخريجين بما يخص تولي الخطابة والإمامة في المساجد والمحاريب، وفيما يخص التدريس الديني وتعليم القرآن وخاصة من خلال معلمات القرآن الكريم، وكذلك تمكين خريج كلية الشريعة من تدريس المواد الشرعية واللغة العربية في جميع الثانويات الشرعية والمدارس التابعة لوزارة التربية والمعاهد المتوسطة للعلوم الشرعية واللغة العربية.
 
كما أتيح المجال لعدد من خريجي كلية الشريعة الحاصلين على الماجستير أو الدكتوراه حسب الاختصاص فرص التدريس في الجامعات الخاصة من خلال كليات الحقوق الموجودة فيها بسبب وجود مقررات شرعية تابعة لكلية الشريعة، وفق ما أفاد به الدكتور عوض.
 
 
 
نشاطات متنوعة
 
وأسار الدكتور عوض إلى حىص كلية الشريعة على المشاركة في جميع النشاطات بالتعاون مع الجهات الأخرى في مجال اختصاصاتها، وهناك مشاريع بصدد التحضير لها بالتعاون مع كليات الجامعة في بعض المواضيع كالعمارة الإسلامية والسياحة الدينية والتحكيم التجاري والمصارف الإسلامية والمحاسبة الإسلامية والخط القرآني.
 
 وفي هذا الإطار نظمت الكلية مؤخراً عدد من النشاطات والفعاليات منها ورشات علمية قانونية في الإصلاح الأسري لأول مرة في هذا المجال، وكذلك معرض القرآن الكريم فيما يخص الإعجاز العلمي وندوة مع البنوك الإسلامية والبنك المركزي وكذلك ورشات في التحكيم الأسري، للحفاظ على ديمومة الأسرة ورعاية الأطفال، ودورات في التحكيم التجاري وأهميته في المعاملات المالية والنزاعات المالية، ودورات في اللغات الأجنبية واللغة العربية، ومحاضرات إثرائية في(الفقه الشافعي والحنفي والمالكي وأصول الفقه والبلاغة وعلم المصطلح والعقيدة والخط العربي والإنشاد والإعجاز القرآني)


عداد الزوار / 1749232 /