التنوع بين الجنسين وجنسيات أعضاء مجلس الإدارة وأثارها على مدى استدامة أداء الشركات..دراسة علمية بجامعة دمشق

على الرغم من أن الأدبيات الحالية توفر دراسات هائلة حول تنوع مجالس الإدارة واستدامة أداء الشركات في الاقتصادات المتقدمة، إلا أن النتائج غالباً ما تكون متناقضة، ولا يوجد حتى الآن إجماع كامل حول أهمية  تنوع الجنسية والتنوع بين الجنسين في أداء الشركات. وتبين الأدلة التجريبية بأن العلاقة بين تنوع مجالس الإدارة واستدامة أداء الشركات في البلدان النامية محدودة بشكل ملحوظ.

 

وفي هذا السياق أجريت دراسة بحثية في المعهد العالي للتنمية الإدارية بجامعة دمشق تهدف إلى اختبار آثار تنوع مجالس الإدارة كظاهرة متعددة الأوجه، وتحديداً التنوع بين الجنسين والتنوع في جنسيات أعضاء مجلس الإدارة على مدى استدامة أداء الشركات في الدول النامية، فلسطين أنموذجاً، خلال الفترة 2013-2018، وقدمت هذه الدراسة رؤى متعمقة حول تنوع مجلس الإدارة والأنشطة المتعلقة باستدامة الشركات كدليل نموذجي من دولة نامية تتمتع ببيئة أعمال ثقافية استثنائية.

 

ويكمن الهدف الأساسي من الورقة البحثية في دراسة كيفية تصرف أعضاء مجلس الإدارة الأجانب والإناث تجاه استراتيجيات استدامة الشركات، حيث ساهمت الدراسة في معرفة رؤى متعمقة حول الأبعاد النظرية والعملية لأدبيات استدامة الشركات في الوقت الحاضر، وتضيف هذه الدراسة مساهمات كبيرة إلى أدبيات الاستدامة من حيث مساهمتها في إدراك أفضل للأهمية المحتملة لتنوع مجالس الإدارة، حيث اعتبرت الدراسات المتعلقة بالتنوع في مجالس الإدارة غير حاسمة، وقد بذلت جهوداً من أجل تقديم إجابات مقنعة وواضحة على السؤال الحيوي حول أي نوع من أعضاء مجلس الإدارة يؤدي إلى تحسين استدامة أداء الشركات.

 

وعلى الرغم من أن الأدبيات الحالية توفر دراسات هائلة حول تنوع مجالس الإدارة واستدامة أداء الشركات في الاقتصادات المتقدمة، إلا أن النتائج غالباً ما تكون متناقضة، ولا يوجد حتى الآن إجماع كامل حول أهمية كل من تنوع الجنسية والتنوع بين الجنسين. وبالتالي، توسع الدراسة هدا النقاش من خلال الغوص العميق في نهج تحليلي لتعزيز ودعم العلاقة المنهجية بين تنوع مجلس الإدارة واستدامة الشركات. تم في هذه الدراسة استخدام نموذج GMM لتقديم تحليل شامل وعميق اعتماداً على أربعة مقاييس للتنوع بين الجنسين والتنوع في جنسيات أعضاء مجلس الإدارة وهذا ساهم في الحصول على نتائج هامة.

  

وأظهرت نتائج الدراسة بأن التنوع بين الجنسين المقاس يرتبط إيجابياً وبشكل غير معنوي باستدامة الأداء في بيئة الأعمال الفلسطينية خلافاً للتوقعات ويعود ذلك الاختلاف منطقياً إلى وجود قيود على مشاركة المرأة في مجلس الإدارة مقارنة بنظرائها من الرجال، حيث يبلغ متوسط نسبة النساء في مجلس الإدارة 8%، وهي نسبة منخفضة للغاية وفقا لمفهوم المساواة بين الجنسين وسياسات الحكم الرشيد، حيث تقترح الدراسات الحاجة إلى ثلاث نساء على الأقل في مجالس الإدارة لإحداث تغيير في الاستراتيجيات المقترحة. وتحقيق التوازن المطلوب في مجلس الإدارة بين التنوع بين الجنسين على المستوى الوطني والأجنبي، حيث أثبت الدراسات الحديثة أن وجود نساء في عضوية مجلس الإدارة، ولو بنسبة مئوية صغيرة، تخلق فرقاً في استدامة أداء الشركات.

 

وأشارت الدراسة إلى أن هذه النتيجة قد تكون مؤشراً على أن تمكين المرأة وإدماجها في مكان العمل في السياق الفلسطيني ظاهرة جديدة ولا يزال لها دور محدود في صنع القرار من الناحية الثقافية، على الرغم من أن التحصيل العلمي للمرأة أعلى من نظرائها من الذكور، إلا أن المعايير الاجتماعية لا تشجع مشاركة الإناث في القوى العاملة في العالم العربي، وخاصة وأن بعض الوظائف غير مقبولة اجتماعياً بالنسبة للإناث، وهذا التحيز والتمييز على أساس الجنس يعمل على إضعاف مشاركة المرأة في مجالس الإدارة.

 

كما يعزى هذا الاختلاف إلى أن الضغوط الاجتماعية تشجع الأقليات على التوافق مع تصرفات الأغلبية وآرائها والتي بدورها تخفف من تأثير الأقليات وبما يخص تأثير التشريعات الإلزامية، بينت نتائج البحث عدم اعتماد أي تشريع أو قانون في فلسطين يتعلق بالحصص القانونية لتمثيل المرأة في مجالس إدارة الشركات ،فيما كشفت الدراسات أن سن تشريعات إلزامية مثل "قانون المساواة" على التنوع بين الجنسين في مجلس الإدارة قد أدى إلى زيادة كبيرة في وجود المرأة في مجالس الإدارة، كما تظهر النتائج التجريبية وجود أثر إيجابي وغير معنوي لكل من تنوع الجنسية والتنوع بين الجنسين في استدامة الأداء للشركات الفلسطينية.

 

 



عداد الزوار / 777122446 /