ما هو جزاء وعقاب من يكتم مرضه ويخالط الناس عمداً فينتقل لهم المرض ويعرضهم للهلاك .
الجواب :
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد مفتاح المعارف وعلى آله وصحبه. وبعد:
احذر ان تكون متسبباً بموت غيرك.
أولاً:
أيها المصاب شافاك الله وعافاك... هل أخلاقك ودينك وأمانتك وإنسانيتك تسمح لك بمخالطة الناس والإجتماع معهم وزيارتهم والتعامل معهم وانت تكتم حالك ومرضك ...
الا تعلم انك ربما تتسبب بغير حق بموت من تنقل له المرض ، وتتسبب بتيتم أطفاله ألا تعلم ما قاله الرسول الأعظم ﷺ : لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق".رواه ابن ماجه .
ثانياً :
ليس عيباً أن تصاب بفيروس كورونا او اي وباء آخر أو مرض ما... ولكن المسؤولية الأخلاقية والشرعية والإنسانية ... تحتم على كل مصاب أو من يشك في إصابته أن يحجر نفسه ولايخالط أحداً من الناس ...
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يُورَدُ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ (رواه مسلم)
ثالثاً:
لا تستهتر بصحة من حولك من الناس فهم أبرياء فلا تخالطهم ولا تجالسهم ولا تصافحهم ولا تقبلهم ولا تقترب منهم ...
متمسكاً بالفهم الخاطئ لحديث (لا عدوى ولا طيرة) فاعلم ان الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ وتعتقده أن المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى،فالْحَدِيثِ نفى الْعَدْوَى بِطَبْعِهَا وَلَمْ يَنْفِ حُصُولَ الضَّرَرِ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِعْلِهِ،
فهذهِ الأمراضَ لا تُعْدِي بطبعها، لكنّ الله سبحانه وتعالى جعلَ مخالَطَةَ المريضِ بها للصَّحيحِ سبباً لإعدائِهِ مَرَضَه، فأَرْشَدَ النبي صلى الله عليه وسلم فِي الحديث (لا يورد...) إِلَى الِاحْتِرَازِ مِمَّا يَحْصُلُ عِنْدَهُ الضَّرَرُ بِفِعْلِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَقَدَرِهِ.
رابعاً:
اعلم ان التباعد وعدم المصافحة والمخالطة والمزاحمة والمقاربة والمجالسة كل ذلك يقضي على الوباء ، ففروا منه فرارك من المجزوم والطاعون .
ففي سنة 17هجري أراد سيدنا عمر رضي الله عنه أن يزور الشَّام للمرَّة الثَّانية، فخرج إِليها، ومعه المهاجرون، والأنصار حتّى نزل بِسَرْغٍ على حدود الحجاز والشَّام، فلقيه أمراء الأجناد، فأخبروه: أنَّ الأرض سقيمةٌ، وكان الطَّاعون بالشَّام، فشاور سيدنا عمر رضي الله عنه واستقرَّ رأيه على الرُّجوع. وبعد انصراف سيدنا عمر رضي الله عنه حصل الطَّاعون الجارف المعروف بطاعون عِمَواس وكانت شدَّته بالشَّام، فهلك به خلقٌ كثيرٌ، منهم:
- أبو عبيدة بن الجرّاح، وهو أمير النَّاس، يومئذ.
- ومعاذ بن جبل،
- ويزيد بن أبي سفيان،
- والحارث بن هشام، وقيل: استشهد باليرموك،
- وسهيل بن عمرو،
- وعتبة بن سهيل، رضي الله عنهم
- وأشراف النَّاس، رحمهم الله
ولم يرتفع عنهم الوباء إِلا بعد أن وليهم عمرو بن العاص، فخطب النَّاس، وقال لهم:
* أيُّها الناس! إِنَّ هذا الوجع إِذا وقع إِنما يشتعل اشتعال النَّار، فتجنَّبوا منه في الجبال،
* أيها الناس إن الطاعون كالنار المشتعلة وأنتم وقودها فتفرقوا وتجبلوا حتى لا تجد النار ما يشعلها فتنطفيء وحدها.
* الوباء كالنَّار وأنتم وقودها تفرَّقوا.
فخرج، وخرج النّاس،
فتفرقوا حتّى رفعه الله عنهم،
فبلغ عمر ما فعله عمرو، فما كرهه.
خامساً:
انتبه أيها المصاب انتبه وإياك ان تصبح مجرماً متسبباً في القتل او متعمداً ؛ وإلا فالمسؤولية عظيمة وخطيرة في الدنيا ويوم القيامة ...
ألا هل بلغت اللهم فاشهد ..
والله اعلم
د.محمدحسان عوض
جامعة دمشق .كلية الشريعة
عميد كلية الشريعة


عداد الزوار / 927432 /